ما هي الدولة المدنية التي طالب بها الثوار؟ وهل تتعارض مع الدين؟ كتب – أحمد أشرف منذ قيام ثورة 25 يناير طالب الكثير من المتظاهرين بأن تصبح مصر “دولة مدنية”، وبعد إعلان بعض المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية عن نيتهم خوض سباق الرئاسة أكدوا نيتهم أن تكون الدولة “مدنية” .. لكن ما معنى دولة مدنية؟ وهل يتعارض ذلك مع مبادئ الإسلام؟ والأديان بشكل عام؟ لا يوجد في العلوم السياسية ما يسمى أصلاً بـ”الدولة المدنية” ،ومصطلح الدولة المدنية لا وجود له في المراجع السياسية كمصطلح سياسي، ولكن استخدام المصطلح نفسه في وسائل الإعلام يعني أن يكون الحكم للشعب بطريقة ديموقراطية ولا يكون لمؤسسة دينية أو عسكرية. كيف نشأ مصطلح الدولة المدنية في مصر ، ومتى استخدم للمرة الأولى؟ بدأ استخدام المصطلح في مصر بعد ثورة يوليو 1952 حينما طالب معارضون للحكم وتكرر استخدام المصطلح على نطاق واسع في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حينما ازدادت قوة الجماعات الإسلامية التي كانت تسعى إلى الوصول إلى الحكم، فرد معارضوهم بالتأكيد على مدنية الدولة. العسكري ومجموعة الضباط الأحرار التي قامت بالثورة بالتحول إلى ” دولة مدنية “. ما معنى أن تكون الدولة مدنية؟ البرادعي من أبرز المطالبين بالدولة المدنية بين المرشحين لرئاسة مصر قام الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بشرح المقصود بهذا المفهوم في أحد مقالاته مؤخرا وأكد أن مدنية الدولة تعني الآتي: 1. الحياد الكامل للدولة ومؤسساتها تجاه المواطنات والمواطنين بغض النظر عن اختلاف ديانتهم أو نوعهم أو الخلفية الاجتماعية والجغرافية . 2. مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية (البرلمان) والتنفيذية (الحكومة) يديرها مدنيون منتخبون يخضعون للمساءلة والمحاسبة ولا تدار الدولة بواسطة عسكريين أو رجال دين، واستبعاد رجال الدين لا يعني استبعاد المتدينين ولكن المقصود ألا تجتمع السلطة مع الدين في قبضة رجل واحد حتى لا يتحول إلى شخص فوق المحاسبة. 3. مدنية الدولة تجعل السياسة ليست صراعا حول العقائد الدينية أو الشرائع السماوية، بل صراعا سلميا بين رؤى وأفكار وبرامج وقوى ومؤسسات وأشخاص، ولاختيار الأفضل للدولة وللمجتمع. 4. إمكانية الطرح العلني لجميع الرؤى والأفكار والبرامج الهادفة لتحقيق الصالح العام فى ظل قبول التعددية واحترام الرأي الآخر الحكم الوحيد فى السياسة المدنية هو مجتمع المواطنين الذى عادة ما يغلب بعض الرؤى والأفكار والبرامج على بعضها الآخر. ما هي الدول التي بها حكم غير مدني بشكل واضح ؟ الدول ذات الحكم العسكري مثل ليبيا وكان يحكمها القذافي بنظام كتائب عسكرية وكوريا الشمالية، والدول ذات الحكم الديني مثل إسرائيل التي قامت على أساس عنصري ديني يفرق بين اليهود وغيرهم ، ويفرق بين اليهود وبعضهم بالنظر إلى مذاهبهم ، وتؤكد دائمًا على يهودية الدولة ،وتجبر مواطنيها على الاعتراف بيهودية الدولة مهما تكن ديانتهم، وإيران والتي تعرف ما يسمى بنظام “ولاية الفقيه” وهو أعلى رجل دين في البلاد وله سلطات كبيرة ، وللمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية سلطات واسعة تتفوق على سلطات الرئيس المنتخب ، وللمؤسسة الدينية جناح عسكري يعرف بالحرس الثوري الإيراني . لماذا يقوم الحكم المدني على استبعاد العسكريين ورجال الدين؟ تعتمد فكرة الدولة المدنية على الديموقراطية، ووجود السلطة في يد الشعب، والعسكريون بطبيعتهم يملكون قوة السيطرة نظرا لامتلاكهم السلاح الذي من المفترض أن يحمي البلد ولا يستخدم في أي نزاع داخلي لصالحهم، وبالتالي توليهم الحكم وامتلاكهم له يعني امكانية تحولهم إلى مستبدين، وفي مصر ومنذ قيام ثورة 23 يوليو تولى حكم مصر عسكريين مثل جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، ولذلك طالب المتظاهرون في 25 يناير بأن يكون الحكم المدني بمعنى ألا يفرض الجيش شخصية أخرى لتتولى رئاسة الجمهورية لأن ذلك سيعني أن ولاء الجيش وقياداته ستكون لها وليس للشعب، وكان البعض يعتقد أن عمر سليمان نائب الريس السابق مبارك سيتولى قيادة مصر باعتباره رجل عسكري أيضا، لكن الجيش المصري أعلن أنه لا يطمع في السلطة وبالتالي من المفترض أن تصبح مصر دولة مدنية، وفي بعض الدول مثل الصين تقوم على الحكم العسكري وقام رجال الجيش هناك بتأسيس حزب ينضم إلى عضويته عسكريون ويتولون حكم البلاد. أما رفض تولي رجال الدين الحكم فهو يرجع لأن رجل الدين دائما ما يحمل للناس رسائل الدين ويشرح لهم كيفية إرضاء الله وهي سلطة كبيرة للغاية في أي مجتمع، وإذا تولى رجل دين الحكم مثل شيخ الأزهر أو بابا الكنيسة فسيكون من المستحيل رقابته أو معارضته لأن في حال فساده فمن السهل للغاية أن تتم معاملته باعتباره ممثل لله في الأرض وهو أمر يفتح باب الفساد والاستبداد. هل الدولة المدنية ضد الإسلام؟ أكد العديد من رجال الدين الإسلامي مثل مفتي الجمهورية السابق الدكتور نصر فريد واصل والشيخ يوسف القرضاوي والمفكر محمد سليم العوا وعدد من قيادات جماعة الاخوان المسلمين أن الإسلام لا يتعارض مع فكرة الدولة المدنية بل على عكس أكد بعض منهم أن الأسلوب الذي استخدمه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحكم كان يعتمد على الشورى والتخصص وإبرام اتفاقيات خارجية وداخلية وضمان حقوق الأقليات الدينية والمساواة، بمعنى أن مبادئ الدولة المدنية لا تتعارض مع مبادئ الإسلام.
3 مشترك
الدولة المدنية
- مساهمة رقم 1
الدولة المدنية
ما هي الدولة المدنية التي طالب بها الثوار؟ وهل تتعارض مع الدين؟ كتب – أحمد أشرف منذ قيام ثورة 25 يناير طالب الكثير من المتظاهرين بأن تصبح مصر “دولة مدنية”، وبعد إعلان بعض المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية عن نيتهم خوض سباق الرئاسة أكدوا نيتهم أن تكون الدولة “مدنية” .. لكن ما معنى دولة مدنية؟ وهل يتعارض ذلك مع مبادئ الإسلام؟ والأديان بشكل عام؟ لا يوجد في العلوم السياسية ما يسمى أصلاً بـ”الدولة المدنية” ،ومصطلح الدولة المدنية لا وجود له في المراجع السياسية كمصطلح سياسي، ولكن استخدام المصطلح نفسه في وسائل الإعلام يعني أن يكون الحكم للشعب بطريقة ديموقراطية ولا يكون لمؤسسة دينية أو عسكرية. كيف نشأ مصطلح الدولة المدنية في مصر ، ومتى استخدم للمرة الأولى؟ بدأ استخدام المصطلح في مصر بعد ثورة يوليو 1952 حينما طالب معارضون للحكم وتكرر استخدام المصطلح على نطاق واسع في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حينما ازدادت قوة الجماعات الإسلامية التي كانت تسعى إلى الوصول إلى الحكم، فرد معارضوهم بالتأكيد على مدنية الدولة. العسكري ومجموعة الضباط الأحرار التي قامت بالثورة بالتحول إلى ” دولة مدنية “. ما معنى أن تكون الدولة مدنية؟ البرادعي من أبرز المطالبين بالدولة المدنية بين المرشحين لرئاسة مصر قام الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بشرح المقصود بهذا المفهوم في أحد مقالاته مؤخرا وأكد أن مدنية الدولة تعني الآتي: 1. الحياد الكامل للدولة ومؤسساتها تجاه المواطنات والمواطنين بغض النظر عن اختلاف ديانتهم أو نوعهم أو الخلفية الاجتماعية والجغرافية . 2. مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية (البرلمان) والتنفيذية (الحكومة) يديرها مدنيون منتخبون يخضعون للمساءلة والمحاسبة ولا تدار الدولة بواسطة عسكريين أو رجال دين، واستبعاد رجال الدين لا يعني استبعاد المتدينين ولكن المقصود ألا تجتمع السلطة مع الدين في قبضة رجل واحد حتى لا يتحول إلى شخص فوق المحاسبة. 3. مدنية الدولة تجعل السياسة ليست صراعا حول العقائد الدينية أو الشرائع السماوية، بل صراعا سلميا بين رؤى وأفكار وبرامج وقوى ومؤسسات وأشخاص، ولاختيار الأفضل للدولة وللمجتمع. 4. إمكانية الطرح العلني لجميع الرؤى والأفكار والبرامج الهادفة لتحقيق الصالح العام فى ظل قبول التعددية واحترام الرأي الآخر الحكم الوحيد فى السياسة المدنية هو مجتمع المواطنين الذى عادة ما يغلب بعض الرؤى والأفكار والبرامج على بعضها الآخر. ما هي الدول التي بها حكم غير مدني بشكل واضح ؟ الدول ذات الحكم العسكري مثل ليبيا وكان يحكمها القذافي بنظام كتائب عسكرية وكوريا الشمالية، والدول ذات الحكم الديني مثل إسرائيل التي قامت على أساس عنصري ديني يفرق بين اليهود وغيرهم ، ويفرق بين اليهود وبعضهم بالنظر إلى مذاهبهم ، وتؤكد دائمًا على يهودية الدولة ،وتجبر مواطنيها على الاعتراف بيهودية الدولة مهما تكن ديانتهم، وإيران والتي تعرف ما يسمى بنظام “ولاية الفقيه” وهو أعلى رجل دين في البلاد وله سلطات كبيرة ، وللمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية سلطات واسعة تتفوق على سلطات الرئيس المنتخب ، وللمؤسسة الدينية جناح عسكري يعرف بالحرس الثوري الإيراني . لماذا يقوم الحكم المدني على استبعاد العسكريين ورجال الدين؟ تعتمد فكرة الدولة المدنية على الديموقراطية، ووجود السلطة في يد الشعب، والعسكريون بطبيعتهم يملكون قوة السيطرة نظرا لامتلاكهم السلاح الذي من المفترض أن يحمي البلد ولا يستخدم في أي نزاع داخلي لصالحهم، وبالتالي توليهم الحكم وامتلاكهم له يعني امكانية تحولهم إلى مستبدين، وفي مصر ومنذ قيام ثورة 23 يوليو تولى حكم مصر عسكريين مثل جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، ولذلك طالب المتظاهرون في 25 يناير بأن يكون الحكم المدني بمعنى ألا يفرض الجيش شخصية أخرى لتتولى رئاسة الجمهورية لأن ذلك سيعني أن ولاء الجيش وقياداته ستكون لها وليس للشعب، وكان البعض يعتقد أن عمر سليمان نائب الريس السابق مبارك سيتولى قيادة مصر باعتباره رجل عسكري أيضا، لكن الجيش المصري أعلن أنه لا يطمع في السلطة وبالتالي من المفترض أن تصبح مصر دولة مدنية، وفي بعض الدول مثل الصين تقوم على الحكم العسكري وقام رجال الجيش هناك بتأسيس حزب ينضم إلى عضويته عسكريون ويتولون حكم البلاد. أما رفض تولي رجال الدين الحكم فهو يرجع لأن رجل الدين دائما ما يحمل للناس رسائل الدين ويشرح لهم كيفية إرضاء الله وهي سلطة كبيرة للغاية في أي مجتمع، وإذا تولى رجل دين الحكم مثل شيخ الأزهر أو بابا الكنيسة فسيكون من المستحيل رقابته أو معارضته لأن في حال فساده فمن السهل للغاية أن تتم معاملته باعتباره ممثل لله في الأرض وهو أمر يفتح باب الفساد والاستبداد. هل الدولة المدنية ضد الإسلام؟ أكد العديد من رجال الدين الإسلامي مثل مفتي الجمهورية السابق الدكتور نصر فريد واصل والشيخ يوسف القرضاوي والمفكر محمد سليم العوا وعدد من قيادات جماعة الاخوان المسلمين أن الإسلام لا يتعارض مع فكرة الدولة المدنية بل على عكس أكد بعض منهم أن الأسلوب الذي استخدمه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحكم كان يعتمد على الشورى والتخصص وإبرام اتفاقيات خارجية وداخلية وضمان حقوق الأقليات الدينية والمساواة، بمعنى أن مبادئ الدولة المدنية لا تتعارض مع مبادئ الإسلام.